جمهورية الشيشان من البلدان الإسلامية، التي ضُمت، قسراً، إلى الجمهورية الروسية الاشتراكية الاتحادية، منذ عام 1920. وقد أُعطيت هذه الجمهورية، كغيرها من جمهوريات شمالي القوقاز، حكما ذاتياً؛ مع بقائها داخل الجمهورية الروسية الاتحادية. وبلاد الشيشان جزء من منطقة القوقاز، الممتدة من بحر قزوين شرقاً وحتى البحر الأسود وبحر آزوف غرباً، ومن نهرَي كوما وقوبان شمالاً، إلى نهرَي كورا وريفون جنوباً.
وتتكون منطقة القوقاز من عدة جمهوريات، بقيت ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي، إلى قبيل انهياره، عام 1991.
- مقدمة حضارية
بين عامي 875 و1863 ، أباد الروس سبعمائة وخمسين ألف نسمة ، هم ثلاثة أرباع سكان الشيشان . وفي ثورة الشيشان الأولى وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ، أبادت القوات الروسية 15% من الشيشان .وفي أواخر الحرب العالمية الثانية أبادت القوات السوفيتية 45% من سكان الشيشان . وفي عام 1994 ، وبسبب الغزو السوفيتي للأراضي الشيشانية ، فقد الشعب الشيشاني 8% من تعداد سكانه شهداء .وفي الغزو الروسي الحالي ، الذي بدأ في أغسطس 1999، ولا يزال مستمراً فقد الشعب الشيشاني 20% من سكانه.
السؤال إذن ، ما هي تلك القوة الخارقة التي جعلت هذا الشعب ، لكي يظل يجاهد في مواجهة قوة باطشة ، رغم هذه الخسائر المروعة .. تلك هي الملحمة البطولية التي يشهدها العالم اليوم .
لكن الظاهرة اللافتة للنظر في الجهاد الشيشاني ، هي أنه ، وهو يجري في الطرف الأعلى من الكرة الأرضية ، بات عنواناً لميلاد جديد للأمة الإسلامية .
فمثله مثل حال الجهاد الأفغاني ، أصبح عنواناً لعودة الروح إلى الأمة الإسلامية ، وعنواناً إلى عودة " الولاء والبراء " وعنواناً عل عودة الجهاد كفرض عين .
فقد قدم الشيشانيون كل هؤلاء الشهداء في مواجهة قوة باطشة ، منذ أن كانت روسيا القيصرية تسيطر على سدس مساحة اليابسة وحتى الآن وبعد انهيار الامبراطورية السوفيتية .. وكان الرد ذهاب المجاهدين العرب إلى هناك .. ليكونوا سنداً وقوة وقيادة للمجاهدين .
لكن وعلى الجانب الآخر ، فإن الشيشانيين الذين أعلنوا استقلالهم في عام 1999 ،لم ينالوا إعترافاً من أية حكومة عربية أو إسلامية.
- الموقع و المساحة :
تقع الشيشان على السفوح الشمالية الشرقية من سلسلة جبال القوقاز، الممتدة بين البحر الأسود غرباً، وبحر قزوين شرقاً وتحدها من الشمال والشرق جمهورية داغستان، ومن الغرب جمهورية الإنجوشIngushetia وأُسيتياOssetia الشمالية، ومن الجنوب جمهورية جورجيا.
وتنحصر بين خطي طول 44درجة – 47 درجة شرقاً، وخطي عرض 42 درجة – 45 درجة شمالاً.
- وتقدَّر مساحتها بنحو 19.3 ألف كم2، بعد اقتطاع نحو 40 ألف كم2، خلال الحكم الروسي، القيصري، ثم الشيوعي، وضمها إلى كلٍّ من جمهوريات: الداغستان، وأوسيتيا الشمالية، وجورجيا، بهدف إضعاف الشيشانيين وتمزيقهم.
للمزيد ادخل الرابط الآتي :
تفاصيل الموقع الجغرافي للشيشان
- عدد السكان و أصلهم:
أما الشيشانيون فيسمون أنفسهم "ناختشاي"، ويطلقون على أرضهم اسم "أتشكيريا" وتعني الأرض الداخلية. وتشير المصادر التاريخية إلى أن الشيشانيين عرفوا كشعب له تميزه الحضاري منذ القرن الرابع الميلادي على الأقل،
- ويتحدثون لغة الناخ المنتمية للعائلة الأيبرو-قوقازية. وينتمون إلى مجموعة الفايناخ العرقية، وهي واحدة من كبرى مجموعات العائلة القوقازية الشمالية.
- يقدر سكان جمهورية الشيشان بمليون ونصف المليون في عام 1991، ويدخل في هذا العدد السكان من عروق أخرى مثل الروس(300 ألف) والإنجوش(100 ألف) والداغستان(20 ألف) والأرمن(14 ألف). وغيرهم من التتر والترك واليهود.
للمزيد ادخل هنا :
البيانات الكاملة عن السكان الشيشان
أصل تسمية الشيشان :
الشيشانيون من الشعوب، التي سكنت شمالي القوقاز، منذ زمن طويل. وعرفوا باسم "نختشي"، أو "ويناخ" Weinakh، ومعناها "شعبنا"؛ وكان هذا الاسم يُطلق على القبائل الشيشانية كافة. كما كان الرومان يسمونهم "كستين"، أو "كيستي" Kisti، أو "الكيست" Kist. وهناك منطقة، لا تزال تحمل هذا الاسم، حتى الآن، تقع على الحدود الفاصلة بين جورجيا والشيشان.
أمّا الاسم الحالي، "الشيشان"، فأول من استعمله هم الروس، عام 1708. ثم شاع استعماله بعد ذلك، ولا تزال المنطقة تُعرف به. وسبب هذه التسمية، يرجع إلى القرية الشيشانية، المسماة "تشتشن" Chechen، الواقعة على نهر "الأرجون"، على بعد 15كم إلى الجنوب الشرقي من العاصمة، "جروزني"، والتي وقع أول اصطدام مسلح، بين الروس والشيشانيين، بالقرب منها، عام 1708، فاستعمل الروس هذا اللفظ (شيشان)، وأطلقوه على المنطقة وسكانها.
العاصمة :
جروزني Grozny عاصمة الجمهورية الشيشانية، ويعني اسمها المرعب، ويبلغ سكانها قرابة نصف مليون نسمة. وقد بناها الجنرال الروسي يرملوف عام 1818، لما عينه القيصر إسكندر الأول قائداً للقوات الروسية. وقد حدد موقعها على رابية حول نهر السونجا، لتشرف على المسالك المؤدية إلى بلاد صغيرة تثور على روسيا بين الفينة والأخرى. وحصن يرملوف البلدة وأشهر قلاعها قلعة بريجرادني. وهي مركز تجاري وصناعي وسياسي هام. وغير الرئيس الشيشاني اسمها إلى (جوهر) على اسم القائد الشيشاني جوهر دوداييف، الذي أعلن استقلال بلاده عن روسيا، وصار أول رئيس لجمهورية الشيشان.(انظر ترجمته فيما بعد).
ومن المدن الهامة الأخرى: جودرميس Gudermes، وأوروس مارتانUrus-Martan وأرجون Argun وشالي Shali.
اللغة الشيشانية:
اشتهر سكان منطقة القوقاز، منذ القدم، بلغاتهم الأصلية، والمتعددة، التي تمتاز بتركيبها النحوي المتقارب؛ ما يثبت وجود علاقات مبنية على أُسُس طيبة، سادت بين المجاميع العِرقية، التي حكمت نفسها بنفسها، في تلك المنطقة.
وتُقسم اللغات القوقازية إلى ثلاثة أقسام رئيسية، هي:
اللغة الجنوبية، وتنتشر في منطقة جورجيا وما جاورها.
اللغة الشمالية الغربية، وتنتشر في بلاد الشركس، قرب البحر الأسود.
اللغة الشمالية الشرقية، وتنتشر بين الشيشانيين والإنجوشيين، ويُطلق عليها اسم لغة "ناخ". كما تنتشر في الداغستان. وبذلك، فإن لغة شمال شرقي القوقاز، تُسمى لغة "ناخ ـ داغستان".
وحتى عام 1934، كانت اللغتان، الشيشانية وجارتها الإنجوشية، لغة واحدة؛ ولكنهما، اليوم، منفصلتان. اللغة الشيشانية، تتميز بعدة لهجات. أمّا الإنجوشية، فليس لها لهجات. وتشملان كلتاهما عدداً كبير من الألفاظ، العربية والفارسية والتركية والروسية.
وقد انفصلت لغة "الناخ" عن بقية العائلة، قبل نحو 6 آلاف سنة؛ لذلك، فإن عائلة (ناخ ـ داغستان) القديمة العهد، تشبه العائلة (الهندو ـ أوروبية)، التي تمثل أم اللغات الأوروبية (الفرنسية، والروسية، والإنجليزية، والإغريقية...) والهندية. وكسائر لغات القوقاز المحلية، فإن للشيشانيين ثروة من الأصوات المنبعثة من اللهاة والبلعوم، تماماً كما في اللغة العربية.
وللغة الشيشانية، كغيرها من اللغات، قواعد تصريفية وإعرابية، واسعة، تتضمن الكثير من الجمل المعقدة، التي تشمل كثيراً من حالات التأنيث والتذكير، وربط العبارات والفقرات، بعضها ببعض. وهناك أكثر من 97% من الشيشانيين، يعُدون اللغة الشيشانية لغتهم الأصلية، على الرغم من أن معظمهم يتكلم الروسية بطلاقة.
وحتى أواسط العشرينيات، كانت المجلات والجرائد، في جمهورية الشيشان، تُنشر باللغتَين، الروسية والشيشانية.
وكانت اللغة الشيشانية تُكتب بالحروف العربية، ثم استُبدلت بها الحروف اللاتينية، في الفترة ما بين 1928 و1938، وذلك بتأثير ما قام به مصطفى كمال أتاتورك، من استخدام الحروف اللاتينية، بدلاً من الحروف العربية، في كتابة اللغة التركية.
ثم أجبرت روسيا الشيشانيين على استخدام الحروف الكيريلية الروسية، بدلاً من اللاتينية.
ولم تُستخدم اللغة الشيشانية لغة كتابة ونشر، خلال فترة الاحتلال الروسي. فقد كان معظم الشيشانيين يكتبون بالروسية، وانحصرت اللغة الشيشانية في البيوت فقط؛ ففقدت أكثر مفرداتها الأدبية. إلا أن "منير شاكر أرسلان"، يؤكد استمرار التأليف، والنشر باللغة الشيشانية، خلال فترة الحكم الروسي
الديانة :
قبل اعتناق الشيشان الدين الإسلامي، كان معظمهم يدين بالوثنية، وقسم منهم يدين بالمسيحية، وقسم آخر يتبع الزرادشتية. وقد حالت وعورة المنطقة وكثافة غاباتها، دون الاتصال المباشر بين المسلمين الفاتحين، وسكان الشيشان؛ فضلاً عن وجود كلٍّ من دولة "الخزر" اليهودية، ودولة "الكرج" (جورجيا) المسيحية، ومقاومتهما للفتوحات الإسلامية في المنطقة.
وبعد دخول المسلمين منطقة الداغستان، واحتكاكهم بالشيشانيين، اعتنق عدد من هؤلاء الإسلام؛ وكانت نقطة البداية، حتى إذا ما حل عام 1213، كان معظم المناطق الشرقية في الشيشان، والمحاذية للداغستان ـ قد دخلت الإسلام.
والمتفق عليه لدى المؤرخين، أن انتشار الإسلام في الشيشان، لم يكن دفعة واحدة؛ وإنما كان يسير ببطء شديد. والدليل على ذلك، أن اعتناق سكان هذه البلاد الإسلام، لم يكتمل حتى نهاية القرن السابع عشر، وبداية القرن الثامن عشر الميلاديين. ومنذ اعتناق الشيشانيين الدين الإسلامي، والإسلام يشكل جزءاً من حضارتهم وهويتهم العِرقية.
وأغلب الشيشان المسلمين على المذهب الشافعي، وبعضهم على المذهب الحنفي. وللطرق الصوفية، كالنقشبندية والقادرية، نفوذ واسع بين الشيشان، وهذا هو الحال في القوقاز وآسيا الوسطى عامة.
من ملامح أهل القوقاز والشيشان وطباعهم:
يمتاز أهل القوقاز، ومنهم الشيشان، بطول القامة، ونحافة الأجسام، وقوة بنيتهم الجسدية. اكتسبوا من طول حروبهم ضد الروس، البأس في القتال، والجلد على شظف الحياة، ويحتفظون بأسلحتهم بصفة دائمة. ويسيرون للجهاد وهم يرتلون القرآن. ويحافظون على الشرف والعرض، شديدو التمسك بدينهم. والكرم خصلة متأصلة في الشيشان، ويعدون إكرام الضيف من الواجبات المقدسة.
للمزيد ادخل هنا :
دخول الإسلام بلاد القوقاز
الانتماء الحضاري :
بين عامي 875 و1863 ، أباد الروس سبعمائة وخمسين ألف نسمة ، هم ثلاثة أرباع سكان الشيشان . وفي ثورة الشيشان الأولى وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ، أبادت القوات الروسية 15% من الشيشان .وفي أواخر الحرب العالمية الثانية أبادت القوات السوفيتية 45% من سكان الشيشان . وفي عام 1994 ، وبسبب الغزو السوفيتي للأراضي الشيشانية ، فقد الشعب الشيشاني 8% من تعداد سكانه شهداء .وفي الغزو الروسي الحالي ، الذي بدأ في أغسطس 1999، ولا يزال مستمراً فقد الشعب الشيشاني 20% من سكانه.
السؤال إذن ، ما هي تلك القوة الخارقة التي جعلت هذا الشعب ، لكي يظل يجاهد في مواجهة قوة باطشة ، رغم هذه الخسائر المروعة .. تلك هي الملحمة البطولية التي يشهدها العالم اليوم .
التاريخ :
يتفق معظم المؤرخين أن أول دخول طلائع الفتح الإسلامي لمنطقة القوقاز كان عام 639، لكن انتشار الإسلام كان بطيئاً لعدة أسباب أهمها:
الطبيعة الوعرة لجبال القوقاز: فتلك المرتفعات، التي قد يصل ارتفاعها إلى أكثر من خمسة آلاف متر، لم تكن من التضاريس المألوفة للعرب، الذين أتقنوا القتال في السهول والصحارى المنبسطة.
أن المنطقة تتنازعها عدة ديانات ومذاهب، مثل المسيحية، واليهودية، والزرادشتية، والمانوية الفارسية.
وجود دولة الخزر في آذربيجان وداغستان، وكانت خاضعة لمشيئة اليهود، الذين قاوموا الفتوحات الإسلامية مقاومة عنيفة.
دعم الإمبراطورية البيزنطية للكرج في جورجيا، والأرمن في أرمينيا، للوقوف في وجه المد الإسلامي.
الثروات الطبيعية :
الزراعة : رغم الأراضي الخصبة وتوفر المياه، إلا أن البلاد متخلفة في ميدان الزراعة، ويرجع ذلك إلى نظام المزارع الجماعية الذي طُبّق في عهد الشيوعيين. أهمل الشاشان زراعتهم واتجهوا للأعمال الحرفية والوظائف.
الثروة المعدنية : البترول هو ثروة البلاد الرئيسة. تتركز حقول النفط حول العاصمة (غوروزني) وسط البلاد ويستثمرها المستوطنون الروس لحساب جمهورية روسيا الاتحادي.
الزي الوطني:
يرتدى الشيشانيون في أعيادهم ومناسباتهم ملابس صنعت من مواد البيئة المحلية من جلود الحيوان والصوف. وأشهر ملابس الرجال:
البيشمنت: وهى صديرة على شكل نصف قفطان مشدود على الصدر بإحكام، تتدلى إلى أعلى الركبة (تكون أقصر مع كبار السن) ويتم تزريرها بدءا من الصدر وحتى العنق. وعلى جانبي الصدر ترصع الصديرة بجيوب أنبوبية متجاورة، كانت في الأصل جيوبا للرصاص حينما كانت البيشمنت زيا عسكريا. وتصنع البيشمنت من القطن أو الصوف أو الحرير حسب ثراء الحال. وأكثر ألوانها شهرة الرمادي والأحمر والأزرق. ويلبس الرجل معها أحذية طويلة من الجلد.
الشيركيسكا: ملبس مكمل للبيشمنت، يرتدى في المناسبات والأعياد، وهي ليست أكثر من بيشمنت أخرى من الصوف الرقيق، وبزر واحد عند الخاصرة، وبأكمام طويلة تتدلى من الأيدي.
البوركا: أفرول من الجلد للتدفئة، وكانت في الأصل زيًا للفرسان.
الباباخا: غطاء مستدير كبير للرأس مصنوع من الجلد.
ويختلف زي المرأة حسب الحالة الاجتماعية، وإن كان الرداء الطويل المنسدل على كل الجسم مع فتحة بين الصدر والعنق هو الأكثر شهرة. ويصنع من مواد تتراوح بين القطن والحرير. وتغطي الأكمام الأيدي، وتبلغ في الأعياد والاحتفالات طولا يكاد يلامس الأرض. وتتفاوت الألوان من الأبيض إلى الأحمر المطرز. وفي بعض المناسبات قد يغطي الرداء الطويل عباءة رقيقة قصيرة تزرر حتى الخاصرة.
المصدر :
http://forum.arabsbook.com/threads/%D8%A8%D8%B7%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B4%D8%A7%D9%86-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9.26245/#ixzz2DuJMyrcC