برغم المساحة الصغيرة لجمهورية الشيشان فإن مواردها الاقتصادية والاستراتيجية تجعلها محور اهتمام كبير من روسيا.
الموارد الاقتصادية للشيشان:
يعتمد الاقتصاد الشيشاني على البترول، الذي تتركز عمليات استخراجه وتكريره ومصانعه في المنطقة الواقعة بين جروزني العاصمة ومدينة جودرميس, ويقع أكبر مصنع لتكريره في العاصمة جروزني، ولا شك أن تدفق النفط في منطقة بحر قزوين يجعل روسيا مستعدة لدفع أي ثمن في سبيل إبقاء كافة الأراضي في الجنوب تحت سيطرتها، خاصة في ظل التوغل الأمريكي الأوربي في القوقاز وآسيا الوسطى.
الموارد الاستراتيجية للشيشان:
الشيشان جزء من إقليم القوقاز؛ ذلك الإقليم الجبلي الذي يقع بين البحر الأسود في الغرب وبحر قزوين في الشرق والذي تتقاسمه أربع دول هي: (روسيا، وجورجيا، وأذربيجان، وأرمينيا).
ويتفق الباحثون على تقسيم القوقاز سياسيًّا إلى قسمين هما: القوقاز الشمالي ويشمل ست جمهوريات خاضعة للسيادة الروسية وهي: (الشيشان، وداغستان، وأوسيتيا الشمالية، وقبردين - بلغاريا، وقارتشي- شيركيسيا، والأديغة).
والقوقاز الجنوبي ويشمل ثلاث جمهوريات هي: (أذربيجان، وأرمينيا، وجورجيا). وكانت خاضعة هي الأخرى حتى عهد قريب للإمبراطورية السوفييتية التي حكمت القوقاز الموحد شماله وجنوبه.
ورغم الأهمية المطلقة لإقليم القوقاز فإن وزنه النسبي قد اختلف بتغير خريطة روسيا الجغرافية - السياسية؛ على النحو التالي:
أولاً: قبيل تفكك الاتحاد السوفيتي كانت المناطق الإسلامية في القوقاز تقع داخل البيت الروسي ذاته وبعيدة نسبياً عن الحدود الروسية التركية والروسية الإيرانية بوجود كل من أرمينيا وأذربيجان وجورجيا كمناطق تخوم داخل البيت السوفيتي، أما الآن فإن الشيشان وداغستان وغيرهما من جمهوريات القوقاز الشمالي في جنوب روسيا باتت تمثل الحدود الدولية لروسيا مع الجيران، ومع أن الشيشان جمهورية صغيرة لا تصل مساحتها إلى 0.5 % من إجمالي مساحة روسيا، ولا يزيد سكانها عن 0.7 % من إجمالي سكان روسيا, إلا أن فكرة عودتها صاغرة إلى البيت الروسي غير واردة، كما أن مفهوم الأمن القومي الروسي يضع كل شبر في الجنوب القوقازي في بؤرة اهتماماته؛ لأنه يمثل أحد أهم مناطق الصراع الدولي بعد الشرق الأوسط وإيران والعراق.
ثانياً: كما أن التاريخ الحربي الروسي مولع بالوصول إلى المياه المفتوحة، خاصة البحر الأسود، وإذا كانت روسيا تطل على 12 بحراً يتعرض معظمها للتجمد في فصل الشتاء، فإن الأهمية الجيواستراتيجية لموقع القوقاز الشمالي، الذي تترامى فيه جمهورية الشيشان وأخواتها فيما بين البحر الأسود وبحر قزوين -والذي يسبح فوق بحر من البترول- لا يدع مجالاً للاعتقاد بإمكانية تخلي روسيا عن الشيشان طواعيةً أبدًا.
ومع الحرمان الروسي من النوافذ الساحلية التي فقدتها مع استقلال أوكرانيا وجورجيا وأذربيجان وأرمينيا، صارت الشيشان ذات أهمية خاصة لروسيا، وروسيا غير مستعدة للتضحية بأي قدم بحري حتى ولو كان على بحر مغلق كبحر قزوين أو بحر شبه مغلق كالبحر الأسود.
ثالثًا: إن تدفق النفط في منطقة بحر قزوين يجعل روسيا مستعدة في سبيل إبقاء كافة الأراضي في الجنوب تحت سيطرتها لدفع أي ثمن.
رابعاً: أفضت أحداث الحادي عشر من سبتمبر -التي اتخذتها الولايات المتحدة ذريعة لحربها في أفغانستان- إلى وصول القواعد العسكرية الأمريكية إلى أطراف البيت الروسي، وصارت الشيشان وباقي جمهوريات القوقاز على مرمى حجر من هذه القوات التي تتوغل رويداً رويداً في جمهوريات آسيا الوسطى. وإن كانت روسيا -لأسباب متعددة- لا تعارض التوغل الأمريكي؛ إلى الحد الذي أعلن فيه في مطلع شهر يوليو 2002م عن قيام عمليات عسكرية روسية أمريكية جورجية مشتركة على حدود الشيشان في منطقة وادي بنكيسي للبحث عن مقاتلي القاعدة.
خامساً: تتمحور الخطط الاستراتيجية الروسية -على المستوى الإقليمي- على تدعيم تماسك الدولة الروسية وتأكيد الاتحاد الروسي.